بسبب نقص الوقود.. مستشفى العودة يعلّق خدماته الصحية وسط أزمة إنسانية متفاقمة

بسبب نقص الوقود.. مستشفى العودة يعلّق خدماته الصحية وسط أزمة إنسانية متفاقمة
الظلام في المستشفى جراء نقص الوقود

أعلن مستشفى العودة في قلب مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة، حيث يزدحم المكان بأكثر من طاقته البشرية، عن تعليق معظم خدماته الصحية بشكل مؤقت، في خطوة قسرية فرضها النقص الحاد في الوقود اللازم لتشغيل المولدات الكهربائية. 

وأكد مدير البرامج في جمعية العودة الصحية والمجتمعية أحمد مهنا أن المستشفى أنه لم يعد قادرا على تشغيل أقسامه المختلفة، واكتفى بالإبقاء على الحد الأدنى من الخدمات الحيوية، في مقدمتها الطوارئ والولادة ورعاية الأطفال، لافتاً إلى أن خلف هذا القرار أرقاماً قاسية، وواقعاً يختزل معاناة آلاف المرضى الذين باتوا مهددين بفقدان حقهم الأساسي في العلاج، وفق فرانس برس.

الوقود شريان لا بديل عنه

وأوضح مهنا أن المستشفى يعتمد بشكل كامل على المولدات الكهربائية في ظل الانقطاع شبه الدائم للكهرباء في قطاع غزة، ويشير إلى أن معظم الخدمات جرى تعليقها مؤقتا بسبب نفاد الوقود، مؤكدا أن ما يجري ليس خيارا إداريا بل ضرورة فرضتها الظروف.

ويشرح مهنا أن المستشفى يحتاج يوميا إلى ما بين 1000 و1200 لتر من الديزل لتشغيل أقسامه المختلفة، بما في ذلك غرف العمليات والعناية المركزة والمختبرات وأقسام الأشعة. إلا أن المخزون الحالي لا يتجاوز 800 لتر فقط، وهي كمية لا تكفي سوى ليوم واحد أو أقل، ما دفع الإدارة إلى اتخاذ قرار مؤلم بتقليص الخدمات إلى أدنى حد ممكن.

ويضيف أن إدارة المستشفى اضطرت إلى استئجار مولد كهربائي إضافي في محاولة يائسة لضمان استمرار تشغيل أقسام الطوارئ والولادة، محذرا من أن استمرار أزمة الوقود يهدد بشكل مباشر قدرة المستشفى على إنقاذ الأرواح.

وتشير مصادر طبية إلى أن تعليق الخدمات يشمل عيادات الاختصاص، والفحوصات المخبرية غير الطارئة، والعمليات الجراحية الباردة، ما يعني تأجيل علاج مئات المرضى، بعضهم يعاني من أمراض مزمنة أو إصابات تحتاج إلى تدخل سريع.

هذا الواقع لا يقتصر على مستشفى العودة وحده، بل يعكس صورة أوسع للأزمة الصحية في قطاع غزة، حيث تواجه معظم المستشفيات تحديات مشابهة، في ظل نقص الوقود والمستلزمات الطبية والكوادر.

هدنة بلا إمدادات كافية

تأتي هذه التطورات رغم سريان هدنة منذ 10 أكتوبر، بعد نحو عامين من الحرب بين إسرائيل وحركة حماس، وهي هدنة كان من المفترض أن تخفف من حدة الأزمة الإنسانية. إلا أن الواقع على الأرض يظهر أن الهدنة لم تنعكس بشكل كاف على تدفق المساعدات، خاصة الوقود.

وينص اتفاق وقف إطلاق النار على دخول 600 شاحنة مساعدات يوميا إلى قطاع غزة، لكن منظمات غير حكومية والأمم المتحدة تؤكد أن عدد الشاحنات التي تدخل فعليا يتراوح بين 100 و300 فقط. 

هذا الفارق الكبير يترك أثرا مباشرا على القطاعات الحيوية، وفي مقدمتها الصحة.

ويحذر عاملون في المجال الإنساني من أن نقص الوقود لا يهدد المستشفيات فحسب، بل يشمل أيضا محطات تحلية المياه، وشبكات الصرف الصحي، والمخابز، ما ينذر بتداعيات صحية وبيئية خطيرة على المدى القريب.

المرضى يدفعون الثمن

تؤكد الطواقم الطبية أن الفئات الأكثر تضررا هي الأطفال والحوامل وكبار السن ومرضى الأمراض المزمنة، الذين يحتاجون إلى متابعة مستمرة لا يمكن توفيرها في ظل هذه الظروف، كما أن أي تصعيد عسكري أو تأخير إضافي في إدخال الوقود قد يؤدي إلى شلل كامل في عمل المستشفى.

نداءات بلا استجابة كافية

أطلقت إدارة مستشفى العودة، إلى جانب مؤسسات صحية أخرى في القطاع، نداءات متكررة للجهات الدولية والإنسانية من أجل التدخل العاجل وتوفير الوقود بشكل منتظم، إلا أن الاستجابة، وفق القائمين على المستشفى، لا تزال دون المستوى المطلوب.

ويشدد مهنا على أن الأزمة ليست تقنية بل إنسانية، وأن إنقاذ المستشفيات لا يحتاج إلى حلول معقدة بقدر ما يحتاج إلى إرادة سياسية تضمن إدخال الوقود والمساعدات دون قيود.

يعاني قطاع غزة منذ سنوات من أزمة مزمنة في الكهرباء والوقود، تفاقمت بشكل غير مسبوق منذ اندلاع الحرب الأخيرة، حيث تعرضت البنية التحتية لأضرار واسعة، وفرضت قيود مشددة على إدخال الوقود والمستلزمات الحيوية، وباتت المستشفيات، التي تعتمد بشكل شبه كامل على المولدات، في خط المواجهة الأول مع هذه الأزمة، إذ يشكل الوقود شريان الحياة الوحيد لاستمرار عملها، وفي ظل غياب حلول مستدامة، تبقى المستشفيات في غزة رهينة لتدفق الوقود، بينما يدفع المرضى الثمن الأكبر من صحتهم وحياتهم.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية